English site www.aliamamdouh.com

منفى في المنفى للكاتبة هيام بسيسو


دار النشر جولياس
كتاب السّاعة، إذ أنّه كتاب يلمس صميم الأحداث المأساويّة الأخيرة.
أن نكون مرغمين على الرّحيل، أن نكون ممنوعين من العودة، أن لا يكون لنا مكان نحطّ فيه رحلنا، تلك هي حقيقة المنفى الذي تحدّثنا عنه الكاتبة هيام بسيسو,
" أن نكون كالطّائر المطارد من شجرة إلى أخرى و من مكان إلى آخر." هو ذا ما تختلجه رسالة هذا الكتاب المؤثر و الغني بالصّور المعبّرة.
يبدأ كتاب منفى في المنفى بسرد واقعة طرد الكاتبة من بيتها الباريسي سنة ألفين، حيث كان مستقرّها لمدّة خمس عشرة سنة.
عبر هذه الواقعة تتطرّق الكاتبة هيام بسيسو إلى ما هو أبعد و أعمق: التّاريخ المؤلم لكامل الشّعب الفلسطيني المحروم من أرضه منذ النّكبة، "كارثة " سنة 1948.
تقول الكاتبة " كي أصمد في وجه تلك الصّعوبة، كانت نفسي تنفلت من طوق حقيقة هذا المنفى المزدوج. فكنت عندها أحلم بطفولتي السّعيدة الغنيّة بصور مختلفة ألوانها مستوحاة من الأرض و من الشّجر و من الأزهار و من البحر." مرّت الأعوام و غزّة مدينة طفولتها تواصل ابتعادها أكثر فأكثر.
"كيف لنا أن ننسى ذلك الجمال المحفور في ذاكرة الطّفولة، الأشجار، شجر الكينا الذي يخفي الجدار و يتسلّق بقامته إلى أعالي السّماء كمن يرفع يديه ليدعو الآلهة عساها تحمي بيته و ساكنيه. و لكن الإله الرّب لم يجب الدّاعي المتبتّل ولم يغث البيت و أهله الذين شتّتت الحروب معظمهم و أبعدتهم عن ذالك البيت و عن شجر الكينا العتيق ذي القامة اليافعة و الورق النّضّ المشابه لريش طائر الطاّووس في فتنته."
هيام بسيسو تروي لنا حكايات من المنفى عن حياة أولئك الفلسطينيّين المطرودين من أرضهم عام 1948 و الذين ولدوا في المنفى و عاشوا بشاعة و وحشيّة مجازر صبرا و شاتيلا ببيروت سنة 1982.
و يعتبر هذا الإنتاج تتويجا لسنوات طوال من العمل الميداني في جنوب لبنان إلى جانب اللاّّجئين الفلسطينيّين الفارّين من مجزرة مخيّم تل الزّعتر عام 1976.
لقد عادت هيام بسيسو إلى لبنان مرّة أخرى سنة 1986 من أجل عمل ميداني لأطروحة حول المخيّمات، نوقشت بجامعة باريس 7. ثمّ عادت الكاتبة مرّة أخرى سنة 2006. حيث تمكّنت من لقاء الأصدقاء والأهل الذين لم ينسوا ذكراها.  فكانت ولادة هذا الكتاب من رحم ذلك اللّقاء. و كما قلنا سابقا هذا الكتاب هو كتاب السّاعة لأنّه يلمس صميم الأحداث المأساويّة الأخيرة بغزّة الجريحة.
هيام بسيسو كاتبة فلسطينيّة أصولها من مدينة غزّة. لها جملة من الأعمال الأدبيّة مثلإبتسامة في المنفى ـ يوميّات فلسطينيّة، كما ساهمت في أعمال مختارة لمائة امرأة شاعرة من أجل السّلام في فلسطين، و كذلك مجموعة شعريّة تحمل عنوان إضاءات في اللّيل الفلسطيني، تقديم الكاتب صلاح ستيتية.